قصة انتقام الروح كاملة أنا مش عارف طاوعنا هشام ليه وجينا علي هنا، اللي كان بيتكلم كان أيمن اللى كان واقف في البلكونة ومش عارف إى واقف وراه
لكنه إتلفت، ولما شاف صرخ بعلو صوته ووقع من الدور السادس ومات.
_طيب هو شاف إى يا سعد؟
= والله ما عارف أقولك شاف شبح ولا روح أتعذبت هنا ورجعت تنتقم
…
القاهرة.. ديسمبر 2023
ياااه الجو بدأ يبرد رغم إننا لسه مدخلناش في يناير، كنت بكلم نفسي وأنا بفتح الشباك الصبح وبستعد عشان أنزل شغلى.. وقفت في المطبخ وعملت فنجان القهوة المظبوط وأنا بسمع أغنية قديمة شوية للفنان وديع الصافي أغنية على رمش عيونها
المهم شربت القهوة ونزلت من البيت وركبت عربيتي وأتحركت، أه أنا أخدني الكلام ونسيت أقولكم أنا مين
أنا حسن الصواف مهندس معماري
والنهاردة معايا شغل في منطقة بعيدة شوية، سرحت وأنا سايق في حياتي الفترة اللي فاتت والوحدة اللي بقيت عايش فيها خصوصا بعد وفاة والدي ووالدتي وبصراحة في الوقت الحالى مش جاهز لجواز رغم إن سنى 30 سنة بس أنا مأجل القرار ده
قطع سرحاني العربية اللى بدأت تبطئ شوية بشوية لحد ما وقفت خالص، نزلت من العربية وأنا بقول شكلك عملتيها معايا ومش هنروح الشغل النهاردة
فتحت الكبوت بتاع العربية وبصيت فيه، في الحقيقة أنا مش فاهم حاجة تقدروا تقولوا إنى جاهل في موضوع صيانة العربيات ده
بصيت حواليا لقيت نفسي في منطقة سكنية كبيرة في أولها وفي أخرها كده في عمارة باين عليها إنها أتحرقت قبل كده من كمية السواد اللي ظاهر على الحيطان
كنت بدور كده بعيني على حد في الشارع، لحد ما لمحت واحد كان جاي نحيتى كان تقريباً في العشرينات من عمره، وأتكلم وقال
_ السلام عليكم، خير يا أستاذ عندك مشكلة في العربية ولا مستني حد؟
= لا في الحقيقة العربية عطلت وبدور على حد يساعدنى
_ طيب أفتحلى الكبوت هشوف إى المشكلة
= تمام بشكرك جداً
…
فتحت الكبوت للراجل وبص على العربية وأتكلم وقال
_ المشكلة مش صغيرة.. دي في البطارية بس متقلقش هنتصرف إن شاء الله
…
وبعدين الراجل ده طلع تليفونه وكلم شخص عشان يجي بالعربية بتاعته ومن الواضح إنه مكانيكي وبعد ما قفل معاه طلب منى أطمن والمشكلة هتتحل
فسألته
_ إسم الكريم إى؟
= أنا إسمي سعد، وإنت؟
_ أنا المهندس حسن الصواف.. بس أنا كان عندي سؤال ومعلش أستحملنى
= إسأل زى ما تحب
_ هو ليه العمارة دي باين عليها آثار حريق.. عكس باقي العمارات؟
…
الراجل بصلى كده وبلع ريقه بالعافية وإتكلم وقال
_ يجى بس منعم عشان يسحب عربيتك على أقرب مكانيكى وبعدها نروح عندى البيت ناكل لقمة ونشرب الشاى وأحكيلك
= لا يا عم سعد لقمة إى بس وشاى إى كتر خيرك، أنا همشي على طول
_ بقى ده إسمه كلام، عربيتك تعطل عند بيتى ومعملش معاك الواجب لا طبعاً مينفعش
= يا استاذ سعد صدقني مش هينفع، طيب خليها وقت تانى
_ مفهاش وقت تاني، إنت هتيجي معايا
…
ومع إصراره إنى لازم أروح معاه، فضلنا مستنيين شوية لحد ما جيه شاب كده في العشرينات ومن الواضح إن ده هو منعم، رحب بيا وربط عربيتى بعربيته وبلغنا إنها هتتصلح فى أقرب وقت وأتحرك عشان يوديها تتصلح
في الوقت ده بصلى سعد وقالى يلا بينا أحنا
ودخلت بيت سعد البسيط والجميل في كل تفاصيله، دخلنى أوضة الضيوف وقالى
لحظات والأكل هيكون جاهز
كنت قاعد محرج شوية، لحد ما إتكلمت وقولتله
_ طيب إى يا سعد، مش هتحكيلى عن العمارة دي ولا إى؟
= شكلك فضولى عشان عايز تعرف.. بس صدقني أنا مكنتش عايز إتكلم في الموضوع ده، أصله فات عليه سنين
_ براحتك يا سعد أنا مش هضغط عليك، لو عايز تحكي أتفضل
= لا هحكيلك، ويمكن اللي هحكيه دلوقتي ده أنا مكنتش هصدقه لو إتحكالى، بس أنا شوفت ده بعينى
ومتأكد إنك مش هتصدق إنت كمان
_ لا هصدقك يا سعد، إحكى وأنا سامعك
= اللى حصل هو جزاء من جنس العمل
_ إزاى؟
= هقولك إزاى؟.. بس قبل ما أقولك عاوز أسألك إنت مؤمن بوجود الجن والعفاريت والعالم ده؟
_طبعاً دى حاجة ذكرت في كتاب ربنا
= يبقي هبدأ أحكيلك وركز معايا
******
القاهرة.. نوفمبر 2010
في الوقت ده كنا عايشين فى آمان مكنش فى مشاكل ولا وجع دماغ، كل واحد بينزل الصبح على لقمة عيشه ويرجع أخر النهار مهدود
العماير مكنتش كتير وقتها كانوا 8 عماير بس، كل عمارة ليها حارس، والدنيا كانت ماشية تمام
لحد ما بدأت الحدوتة
اليوم ده محدش ينساه حتي لو كنت صغير وقتها، يومها جات عربية من العربيات الفخمة اللي بيركبها المشاهير والناس التقيلة
ونزل من جنب السواق واحد طول بعرض، نزل يجري وفتح الباب اللى ورا، عشان ينزل من العربية واحد لابس بدلة شيك جداً كان في بداية الخمسينات من عمره وباين عليه الهيبة، كان واقف قدام الأرض اللى جنبنا وبيشاور بإيده على الأرض وهو مبتسم.
وبعدها ركب عربيته وأتحرك
ساعتها بسطاوى حارس العمارة بتاعتنا الله يرحمه إتكلم وقال للناس في الشارع
..
_ أكيد ده البيه اللى هياخد الأرض اللى جنبنا عشان يعمل عليها الفندق
رد عليه والدى وقتها وقاله
= فندق!!.. فندق إى ده اللى هيفتحه هنا؟
_ فندق عادى، إى متعرفش يعني إى فندق؟
= لا عارف بس أشمعنا هنا بالتحديد
_ مش عارف والله هو أدري
…
خلص الحوار ده وعلى بليل لقينا عوض اللى المفروض هو صاحب الأرض.. راجع الشارع ووشه وارم من الضرب، كان بيعيط زي العيال الصغيره
كل الناس كانت بتبصله بفضول وبيسألوا نفسهم مالوا ده فى إى؟
لحد ما والدى وقفه في الشارع وسأله
_ مالك يا عوض؟!.. وإى اللى عمل فيك كده؟
= مليش أنا كويس، مفيش حاجة
_ كويس إزاى؟.. ده إنت وشك وارم من الضرب، قولى مين اللى عمل فيك كده؟
= ولما تعرف هتعمل إى؟.. هتروح تجبلى حقي أو حد من الناس دي هتتحرك
_أكيد يبنى نجبلك حقك، أحنا مش بس جيران أحنا أهل وحبايب
= محدش هيقدر عليهم، دول عندهم جبروت وسلطة يمحونا من فوق وش الأرض، شايف اللى فى وشي ده.. ده بس عشان قولت لأ
قولتلهم لأ مش هبيع أرضى، تخيل بقا لو رايح تتخانق معاهم
سبينى يا عمى أبوس إيدك، سيبنى أرجع بيتى أرتاح شوية من اللي شوفته
…
والدى كان عاجز عن الرد، أصله هيقول إى بعد ما فهم وعرف اللى فيها، بس الموضوع ياريته كان وقف على كده لأ… دى كانت مجرد بداية للى جاى
فات أسبوع على موضوع عوض، وكل واحد أنشغل فى حاله
لكن فى يوم لقينا نفس العربية جات من تانى بس المرة دي وقفت قدام عمارتنا، ونفس البيه نزل منها ونفس الشياكة والأناقة اللى تشبه رجال الأعمال
وأتكلم وقال
_ هو في حد هنا مسؤول أتكلم معاه؟
في الوقت ده رد عليه والدى وقال
= مفيش حد هنا مسؤول عن حد كلنا مسؤولين عن بعض أحنا هنا جيران وأهل
_ عظيم، عظيم جداً.. طيب أنا عايز ناس كبيرة زي حضرتك كده أقعد معاهم عشان أقول اللى عندى
= هو حضرتك عاوز إى بالظبط؟
_ كده في الشارع، ده أنا ضيف عندكم حتي يا حج
= نورت يبنى أتفضل عندي هنا وأنا هكلم الناس الكبيرة من الجيران عشان تاجى ونتكلم
…
دخل الراجل ده العمارة بتاعتنا، ووالدى كلم الناس عشان تاجى
وفعلا خرج من كل عمارة واحد، يعني عشان يسمع كلام الراجل ده وينقله للعمارة التابعة ليه
وعندنا في البيت في أوضة الضيوف.. كان قاعد والدى والراجل ده وسبع رجالة من الجيران
وهنا أتكلم الراجل وقال
_ أنا إسمى مسعد السيوفى، رجل أعمال مصرى وصاحب الأرض اللى جنبكم دى يا رجالة
في الحقيقة أنا جاى أعرض عليكم عرض ميترفضش أنا ناوى أبنى فندق هنا ومحتاج مساحة كبيرة جداً عشان الموضوع ده يتم، وعشان الأرض اللى أنا إشتريتها مش كافية فأنا عاوز أشتري الأرض دي بالعماير اللى عليها
وهدى كل واحد شخص هيسيب شقته 2 مليون جنيه، مبلغ كبير يعيش كل واحد منكم ملك
هيشتري شقة في إى مكان وهيبقي معاه فلوس كتير برضو
…
والدى بص للرجالة اللى كانوا بيبصوا لبعض بذهول من المبلغ المعروض على كل شخص
وهنا أتكلم عم إبراهيم واحد من الرجالة اللى موجودين وقال
= عشان أنا شايف المكان هنا حيوى وجميل وهينفع جداً للمشروع بتاعى
هنا رد والدى وقاله
_ طيب يا مسعد بيه، حضرتك هتدينا فرصة نفكر وهنرد عليك إن شاء الله خلال يومين
= تمام يا رجالة.. الكارت بتاعى أهو ومنتظر الرد
….
خرج مسعد بيه السيوفى من البيت وسايب والدى والسبع رجالة فى حيرة، يا تري يوفقوا ولا لأ؟
والدى في اليوم ده فضل يتناقش مع الجيران عشان يشوفوا هيردوا عليه وهيقولوا إى؟
وفى الأخر كل واحد قال هيشوف رأى الناس اللى ساكنة في العمارة بتاعته او التابعة ليه
وبعد ساعات كان الرد، الناس كلها وافقت معادة العمارة رقم 8 واللى كان منها عم إبراهيم وده عشان كلهم كانوا عيلة واحدة ومتقسمين على الشقق
رفضوا رفض قاطع وقالوا
إن ده مسحيل يحصل وإن مصالحهم كلها هنا ومستحيل يمشوا
حاول والدى يقنعهم إن دى فرصة ومش هتتعوض لكنهم كانوا مصممين على رأيهم، مش هنمشي يعني مش هنمشي
…
اليومين عدوا، ووالدى كلم مسعد بيه السيوفى وبلغه الرد.. بس كان رده إنه هياجى بليل عشان يقعد مع إبراهيم ويشوفوا طلباته إى؟
وفعلا على بليل وصل قدام العمارة بتاعتنا، ودخل بيتنا من تاني، بس المرة دى كانت في وجود إبراهيم ووالدى بس
وهنا أتكلم مسعد بيه موجه كلامه لإبراهيم وقال
_إى يا أستاذ إبراهيم.. ممكن أعرف من حضرتك سبب رفض العرض؟
= بص يا بيه، أحنا عمارتنا مختلفة شوية عن إى عمارة عشان كل اللى فيها أهلى وعيلتى وكلهم رفضوا كلامك وقالوا مش هنبيع
_ طيب إى السبب؟… فى سبب واضح يعني؟
= والله يا بيه أحنا مصالحنا كلها هنا في المنطقة دى ومينفعش نسيبها لأى سبب من الأسباب
_ أستاذ إبراهيم، كل واحد منكم هياخد 2 مليون والشقة النهاردة بربع مليون، يعني هيتبقي مع كل واحد مبلغ وقدره يخليك تعيش ملك
=والله يا بيه أحنا مش عاوزين ملايين أحنا ناس راضية بحالها.. وعلى رأى المثل بين البايع والشاري يفتح الله
…
ظهرت على ملامح مسعد بيه الغضب وقاله
_ طيب إى رأيك هتبيع ورجلك فوق رقبتك
= نعم!!.. حضرتك بتهددنى وبتقولى هبيع غصب عنى طيب مش بايع وأتفضل مع السلامة
_ إنت كمان بتطردنى، إنت عارف بتقول إى، واعى لكلامك؟
= يعني بتهددني ومش عاجبك يا بجاحتك يا أخى.. أتفضل أطلع بره ومنشوفش وشك هنا تاني
…
والدى كان بيحاول يهدى عم إبراهيم اللى أنفعل جداً وكان هيضرب مسعد بيه
خرج مسعد بيه من البيت وهو بيتوعد لإبراهيم وأهله بالخراب
والدى مكنش مرتاح لمسعد ده وكان خايف يحصل لإبراهيم زي ما حصل في عوض صاحب الأرض، وبعد يومين بالتحديد كان في المنطقة عندنا ناس كتير شكلهم كده مهندسين، كانوا بياخدوا مقاسات وبيكتبوا ملاحظات ، بس محدش سألهم فى إى.. كانوا عارفين إنهم تبع مسعد بيه
وبعد فترة مش كبيرة جيه واحد كده لابس بدلة وماسك شنطة وعرفنا بنفسه على إنه محامى مسعد بيه، وعاوز يقابل عم إبراهيم
محدش كان فاهم المحامى ده عاوز إى؟!
بس الناس شورتله على العمارة، وهما عشر دقايق من دخوله وسمعنا صوت إبراهيم بيزعق وبيقول
_ مش هبيع، قولت مش هبيع إنتوا إى مش بتفهموا أطلع بره ومتجيش هنا تاني، وقول للبيه إحنا مش بنتهدد
…
الراجل خرج من جوه وكان شكله متبهدل جداً، ومشي من غير ولا كلمة.
لكن اللى حصل بعد كده مكنش سهل، اللى حصل كان خراب، خراب على الكل
فات شهر ونص وكان بالتحديد يوم 20 يناير 2011
كان وقتها والدى وباقي الجيران اللى وافقوا على البيع بيجهزوا حاجتهم عشان يسيبوا شققهم
وفي نص الليل، الكل صحى علي صوت صراخ، صراخ عالى جداً.. نزلنا نجري من العماير على منظر رهيب عمارة عم إبراهيم كانت بتتحرق كلها النار ماسكة فيها من أكبر حتة لإصغر حتة
جرينا نعبي ميه وكنا بنحاول نطفي الحريق الرهيب ده وسامعين صرخات عم إبراهيم وأهله
وللأسف على ما طفينا الحريق، كانوا ماتوا كلهم ماتوا
عم إبراهيم وأهله، الأسعاف خرجتهم من العمارة جثث متفحمة
المنظر كان صعب جداً وغير محتمل، وكل واحد بدأ يحلل أسباب الحريق، إلا والدى كان عارف إن إبراهيم وأهله أتقتلوا وإن اللى حصل ده كان بفعل فاعل
الشرطة كانت في كل مكان، وجات لجان حكومية عشان تعرف سبب الحريق ده كان إى؟
والنتيجة متوقعة طبعاً.. ماس كهربا هو اللى عمل كده الكل كان مصدق الكلام ده إلا والدى كان عارف إن ده مجرد كلام عشان القصة تتقفل
…
الحزن خيم على المكان، محدش كان مصدق اللى حصل… فى وسط كل ده واللى أحنا فيه
حصلت في مصر هوجة كبيرة وكانت أحداث 25 يناير 2011،ووقتها لاحظنا إن مسعد بيه أختفى ومظهرش تاني، طبعاً اللى جيه في بالنا وقتها أنه مستخبي وخايف على نفسه من الهوجة دي وأكيد لما الدنيا تهدى هيظهر من تاني
…..
كل اللى فات وحكيته ده كوم، وكل اللى جاي ده كوم تاني خالص.. عشان اللى جاي بدأ معايا أنا مش مع والدى
مرت شهور على الأحداث الصعبة اللى مرت بيها البلد وفي يوم خرجت من الشباك أشم شوية هو، أنا أه كنت صغير وقتها وكان عندي بتاع 14 سنة بس كنت واعى لكل حاجة كانت بتحصل حواليا، الساعة كانت 2 بعد نص الليل، لمحت في الشباك بتاع شقة عم إبراهيم الله يرحمه في ست واقفة، أترعبت ورجعت لورا لكن الفضول رجعنى أبص تانى
والمرة دي ملقتش حاجة بس وأنا بقفل الشباك عشان أروح أنام، سمعت صرخة، صرخة عالية رجعت فتحت الشباك مرة تانى، والمرة دي شوفت عم إبراهيم وهو بيتحرق
قفلت الشباك بسرعة وأنا باخد نفسي بالعافية وجريت على السرير بسرعة كنت خايف وبترعش أتغطيت كويس ونمت
نمت وحلمت حلم غريب، حلمت اني واقف في شقة عم إبراهيم مع آدم إبنه وكنا بنلعب فى الصالة
واللى حصل قدامي كان صعب.. الباب خبط قام عم إبراهيم وفتح الباب، عشان يلاقي في وشه ناس ضخمة لابسين بدل هجموا عليهم كلهم بسرعة وتحت تهديد السلاح إن اللى هيصرخ هيضرب بالرصاص، كتفوهم كلهم حتي آدم الطفل الصغير مترحمش من إيديهم، بدأوا يرشوا في كل حتة حاجة زي البنزين، كانوا بيفضوا جراكن في كل ركن في البيت كانوا مش قادرين يصرخوا بسبب اللزق اللى على بوقهم، وفي لحظة أترمى عود كبريت على الأرض وسط دموع وصراخ مكتوم.. البيت بقى قطعة من جهنم في لحظة.
وصحيت من النوم وأنا تعبان من اللى شوفته، كنت بعيط من اللى شوفته إمبارح.. دخل عليا والدى وأنا بعيط وسألنى بعيط ليه؟
حكتله كل حاجة شوفتها إمبارح بس والدى رغم إنه بان عليه الحزن، لكنه طبطب عليا وأخدني في حضنه وهو بيقولى
_ متزعلش يا سعد، أكيد يا يبنى ربك هينتقم من اللى عمل كده أشد إنتقام في الدنيا قبل الآخرة
بصيت لوالدى وأنا لسه بعيط وقولتله
_ هو أنا هفضل أشوفهم علي طول يا بابا؟
= لا يا حبيبي مش هتشوفهم كل يوم… متخفش مش هيحصل تاني
…
سبنى في اليوم ده ولقيته خرج من البيت، والغريبة إنه راح على العمارة المحروقة ودخلها، مكنتش فاهم
بس هو مطولش جوه، خرج ووشه أصفر كنت أول مرة أشوف والدى في الحالة دي
رجع علي البيت ولما والدتى سألته مالك فيك إى؟
رد وقالها الآتى
_ من شوية سعد حكالى إنه شاف حلم غريب كان فيه إبراهيم وعيلته وإنه شاف اللى حصل فيهم
ساعتها فكرت تفكيرين، الأول إن دي خيالات طفل صغير، والتانى إنها رسالة بس ليا أنا مش لإبنى وعشان كده روحت على العمارة ولما روحت شقة إبراهيم شوفته
=شوفت مين؟
_ شوفت إبراهيم.. شوفته واقف قدامي وبيطلب منى أجبله حقه وأبلغ عن اللى عمل كده، أنا مش مصدق إنى شوفته بس ده اللى حصل
=طيب وناوى على إى؟
_ أنا عايز أجيب حقه، بس هستنى ظروف البلد تستقر الأول عشان أقدر أبلغ
….
ومن بعدها أقدر أقول إن الأمور هديت شوية، مكنتش بشوف حاجة ولا أحلام غريبة، لحد ما في يوم جات نفس العربية بتاعت مسعد بيه
وقتها الناس كلها كانت واقفة على رجليها ومش عارفين هو راجع تاني ليه؟
لكن اللى نزل من العربية وقتها كان شاب صغير في السن وسيم شوية، وقرب من الناس وقال
_ مساء الخير يا جماعة، إى الأخبار؟
أنا هشام مسعد السيوفي، أنا عارف إنكم عارفين مين هو مسعد السيوفي، والدى للأسف توفاه الله أتصاب بمرض نادر وتوفى من أسبوع، وأنا على علم بكل حاجة أتفق عليها والدى معاكم قبل ما يتوفى ودلوقتي أنا جاي عشان أجدد الأتفاق ده، تاخدوا الفلوس وتسيبوا العماير عشان نبدأ شغلنا
وهنا رد عليه والدى وقاله
= لا يا بيه إنسي الكلام ده خلاص، محدش فينا هيبيع إحنا رجعنا في كلامنا
_ ممكن أعرف السبب؟… إى اللى أتغير عشان ترجعوا في كلامكم
= مفيش سبب، إحنا أحرار محدش فينا هيبيع ومتنساش إن الأمور في البلد دلوقتي مشدودة يعني مش هتقدر تعمل حاجة
_ أعمل حاجة؟!… حاجة زى إى؟
= متلفش وتدور عليا يا بيه، إنت عارف كل حاجة عملها والدك ومن الحاجات دي إنه حرق الناس اللى هنا في العمارة دي عشان رفضوا العرض
_ إنت مجنون صح؟… إنت أزاي تتهم والدي بإتهام زي كده، إنت متعرفش إحنا ممكن نعمل فيك إى؟
= هتعملوا إى يعني؟!… هتقتلونا كلنا يعني، أعملوا اللى تعملوه، ضربوا الأعور على عينه أحنا مش خايفين منك واللى عندك أعمله
….
الراجل اللي إسمه هشام كان بيبص لوالدى بصة كلها شر.. كان عايز ياكله بسنانه
لكنه ركب العربية ومشي، وبمجرد ما مشي والدى بص للناس اللى كانت واقفة وبتشوف الحوار اللى داير وقالهم
_ أسمعوني يا ناس، أحنا طول عمرنا جيران وأهل وحبايب وأقرب ناس لبعض واقفين في ضهر بعض ولازم النهاردة تعرفوا إن إبراهيم وعيلته ممتوش بسبب ماس كهربا زي ما قالوا البهوات لأ
إبراهيم وعيلته إتقتلوا، إتقتلوا على إيد الراجل اللي مات ده اللى إسمه مسعد السيوفي
إتقتلوا عشان قالوا لأ مش هنبيع، وعوض أضرب وإتهان عشان قال مش هبيع، دول هما الرجالة اللى عندها كرامة اللى وقفت في وش الظلم وقالت لأ
وأحنا كمان لازم نقول لأ، أحنا مش هنبيع مش هنبيع
رد واحد من الناس على والدى وقاله
=طيب وأفترض رفضنا نبيع، هما هيسبونا في حالنا
_ هيعملوا إى يعني، هيقتلوا كل الناس دى مش هيقدر وبعدين دلوقتي الوضع إتغير خلينا إيد واحدة على الاقل عشان إبراهيم وعيلته اللى الناس دول قتلوهم من غير رحمة
…
الناس بدأت تقتنع وتصدق كلام والدى، وقالوا خلاص مش هنبيع ومش هنسمح لحد يأذينا بسوء
أحنا إيد واحدة من دلوقتي
لكن بعد يومين رجع الراجل ده اللي إسمه هشام وبدأوا يرمموا العمارة المحروقة.. كان جايب ناس شغالة بإيديها وسنانها عشان تسلمه العمارة دي فى أقرب وقت
وأثناء ما هو واقف بيتابع الشغل، رحلوا والدى وبعض الناس من بلدنا وإتكلم والدى وقال
_ ممكن نعرف إى اللى رجعك تاني؟
= راجع أرمم العمارة بتاعتى
_بتاعتك؟!… بتاعتك إزاي عدم المؤاخذة؟
= اه بتاعتى ومعايا ما يثبت ده، ده ومش كده وبس ده في ناس من عيلتى كمان هتسكن فيها
_ كمان، طيب هايل جداً، بس ده أخرك يا هشام يا سيوفى، لكن مش هتعرف تعمل حاجة تانى صدقنى
= تعجبنى ثقتك في نفسك بس للاسف مش هتدوم كتير
…
وهما بيتكلموا لقيوا العامل اللى واقف فوق السقالة بيقول
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
ووقع من فوق السقالة على الأرض محطش منطق، مات، العامل ده اللى شاف حاجة صعبة قبل ما يموت ومن الواضح إن إبراهيم مش هيسيب حقه حتي لو كان مات
….
الأسعاف جيه وأخد الراجل اللي مات ده، وكأنه ولا حاجة واللى أسمه هشام ده بكل جحود قال للعمال
_إى هتقفوا تتفرجوا، يلا كل واحد على شغله واللى حصل ده كأنه محصلش مسمعش سيرته
العمال كانوا ناس غلابة على باب الله، ناس مغلوبة على أمرها وفعلا رجعوا العمارة وكملوا شغلهم وفي ظرف أسبوع، العمارة كانت جاهزة
كانت أحلى عمارة من حيث الشكل، الراجل ده صرف عليها كتير عشان تطلع بالجمال ده
وبعدها بيوم واحد، كان جاب ناس من عيلته وقعدهم في العمارة، وأخدها خلاص بوضع اليد حتى لو مفيش عقد، ولو كان والدى بلغ كان سيبقي الوضع على ما هو عليه
وقولنا خلاص هما هيقعدوا في العمارة وكل واحد هيبقي في حاله، لكن اللى حصل كان غير متوقع
أنا فاكر اليوم ده كويس، كانت الساعة 3 الفجر، قلقت وقومت من النوم من غير سبب، قومت عشان أدخل الحمام لقيت والدى صاحى وبيقرأ قرآن، دخلت الحمام وخلصت
ولسه هكلم والدى سمعنا صوت صرخة، كانت صرخة عالية جداً، والدى طلع يبص من الشباك لقي في ست طالعة وبتقول
الحقوني الحقوني هتموتنى الحقوني
…
سألت والدى وقولتله
_ هو فى إى.. الست دي بتصرخ ليه؟
= ملناش دعوة يبنى يمكن متخانقة مع حد من أهلها
_ طيب أنا هدخل أكمل نومى
ودخلت أوضتى عشان أكمل نومى، حطيت راسي على المخدة ونمت، ولتانى مرة أشوف حلم
شوفت نفسي في شقة عم إبراهيم بس المرة دي كانت متغيرة واللى موجودين فيها مش عم إبراهيم وعيلته لأ، دول الجيران الجداد
لقيت واحدة ست قاعدة في الصالة، بيتهيألى إنها نفس الست اللي كانت بتصرخ من شوية
فجأة في صوت طلع من الحمام، كأن في حاجة وقعت أو أتكسرت
قامت الست من مكانها، وراحت ناحية الحمام عشان تشوف فى إى؟!
وبمجرد ما فتحت الحمام، رجعت لورا وهي بتستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ظهرت ست او هيكل عظمى لست عضمها إسود محروق كانت بتقرب من الست دي، اللى جريت على الشباك وفضلت تصوت عشان حد يلحقها، ده المشهد اللى شوفناه أنا ووالدى من الشباك، لكن بمجرد ما الست اتلفتت وشافت الهيكل ده واقف في وشها مستحملتش مسكت قلبها وهى مبرقة ووقعت على الأرض وماتت
…
صحيت من النوم على صوت دوشة تحت في الشارع وصوت عربية الأسعاف كان بيدوى في الشارع، نزلت الشارع ووالدى كان تحت، وسمعت بنت واقفة عند عربية الأسعاف بتتكلم في التليفون وهي بتعيط وبتقول
_ إيوة يا هشام، جدتك ماتت يا هشام ماتت، تعالى خدنا من هنا المكان ده مش طبيعي في حاجة غلط كلنا بنشوف حاجات وحشه هنا، أرجوك يا هشام تعالى خدنا من هنا
رجالة الإسعاف كانوا مخرجين جثة في كيس بلاستيك وشوفت وشها، هي نفس الست اللي كانت بتصوت واللى شوفتها في الحلم، بصيت لوالدى وقولتله أنا شوفت ماتت إزاي
بس هو بصلى وأبتسم، كأنه عارف إن ده كان هيحصل
…
وفات كام يوم على الحادث ده، وبدأت الدنيا تهدى وترجع لطيبعتها
لكن واضح إنها كانت مجرد هدنة، كان فات خمس ايام على موت الست دى
وشوفنا شاب كان واقف في البلكونة وبيقول
أنا مش عارف طاوعنا هشام ليه وجينا علي هنا، اللي كان بيتكلم كان أيمن اللى كان واقف في البلكونة ومش عارف إى واقف وراه
لكنه إتلفت، ولما شاف صرخ بعلو صوته ووقع من الدور السادس ومات.
_طيب هو شاف إى يا سعد؟
= والله ما عارف أقولك شاف شبح ولا روح أتعذبت هنا ورجعت تنتقم
_ بس إنت المرة دى محلمتش باللى حصل؟
= لأ مشوفتش حاجة، بس لتانى مرة المشهد بيتكرر الأسعاف وناس منهم بيكلموا هشام بيه عشان ياجى ياخدهم من هنا، وأنهم مش قادرين يقعدوا
…
لكن في اليوم ده بليل حصلت أكتر حاجة مرعبة شوفتها في حياتي، يومها الكل صحى علي صوت صريخ وزعاق من أهل العمارة، لما فتحنا الشبابيك لقينا أهل هشام بيه نزلين يجروا من العمارة وبيقولوا البنت أتلبست، وقتها كنت واقف في الشباك بس شوفتها، نفس البنت اللي كانت واقفة عند عربية الإسعاف، عينيها كانت بيضة تماماً وبتتحرك على إيديها ورجليها زي الحيوانات، كنت شايف ده من الشباك بسبب قرب البلكونة بتاعتهم مننا
..
وفى الوقت وصل هشام بيه، لقى أهله كلهم واقفين في الشارع، قالهم واقفين كده ليه؟
متخفوش مفيش حاجة هتحصلكم تعالوا معايا، أخدهم ودخل العمارة وسط توسلات منهم إنهم يمشوا ويرجعوا بيتهم القديم،لكن هو كان مصمم إنهم لازم يقعدوا في العمارة
وفعلا طلعوا العمارة مع هشام بيه، اللى أول ما شاف المنظر ده قدامه، البنت وعينيها البيضة تراجع لورا وهو بيقول اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
ردت عليه البنت بصوت مش صوتها وقالت
_ بتستعيذ بالله منى يا هشام.. بعد كل اللي عملتوه شايفين نفسكم ملايكة واحنا شياطين
= إنتى مين وعاوزة منى إى؟
_ أنا.. أنا كنت مستنى اللحظة دي يا هشام، اللحظة اللى إنت هتدخل فيها العمارة دي عشان أعمل فيك زي ما عملتوا فينا
= عملنا إى، أحنا معملناش حاجة؟
_ لا عملتوا، حرقتوا عيلة بأكملها عشان بس رفضت طلبكم، عشان رفضنا نسيب المكان حرقتوه باللى فيه حتي مرحمتوش العيال الصغيرة وإنتوا شايفنهم بيتحرقوا قدام عينيكم
= أنا مليش دعوة بحاجة، أنا معملتش حاجة، بابا اللى عمل كل حاجة
_ لا يا هشام، إنت كنت صاحب الفكرة والتنفيذ إنت اللى أقترحت على أبوك يقتلنا وكأننا حشرات ملهمش تمن، لا ومش كده وبس ده إنت كنت ناوي تقتل كل الناس دى عشان رجعوا في كلامهم ومش هيبيعوا
= خلاص انا مش هعمل حاجة أنا هاخدهم ونمشي من المكان ده، والله ما هعمل حاجة
_ خلاص يا هشام فات الأوان، إنت دلوقتى هتدوق بس جزاء من جنس العمل
…
وفي لحظة نار بدأت تمسك في كل حتة في الشقة الأبواب والشبابيك والبلكونات أتقفلوا كلهم وكل اللى كنا سمعينه مجرد صرخات، صرخات هشام وعيلته وهما بيتحرقوا والنار بتاكل في لحمهم
النار فضلت ماسكة في العمارة يوم كامل، حولت الجثث لرماد إسود، وبس ومن يومها وهي موجودة لا جيه أمر بهدها ولا حد عنده الشجاعة إنه يقرب منها
…
قصة غريبة أوى يا سعد، ويمكن أغرب ما فيها موضوع الأرواح او الأشباح ده أنا مش بقتنع بيه بصراحة، بس في النهاية دى الدنيا داين تدان
أتغديت مع سعد وأهله ومنعم صلح العربية واخدتها ومشيت، وكنت بسأل نفسي سؤال واحد بس
هو اللى أنا سمعته ده بجد ولا كانت مجرد قصة مختلقة من سعد؟.. أنا هقول الله أعلم
…
تمت
قصة مرعبة بعض الشيء